الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)
.الفتنة بين السلطان مسعود وبين داود والراشد وهزيمة مسعود ومقتل الراشد. كان الأمير بوزابة صاحب خوزستان والأمير عبد الرحمن طغرلبك صاحب خلخال والملك داود ابن السلطان محمود خائفين من السلطان فاجتمعوا عند الأمير منكبرس صاحب فارس وبلغهم مسير الراشد من الموصل إلى مراغة فراسلوه في أن يجتمعوا عليه ويردوه إلى خلافته فأجابهم وبلغ الخبر إلى السلطان مسعود فسار إليهم في شعبان سنة اثنتين وثلاثين وأوقع بهم وأخذ منكبرس أسيرا فقتله وافترقت عساكره للنهب فانفرد بوزابة وطغرلبك وصدقا الحملة عليه فانهزم وقبض على جماعة من الأمراء مثل صدقة بن دبيس صاحب الحلة وكافله غبتر ابن أبي العساكر وابن أتابك قراسنقر صاحب أذربيجان وحبسهم بوزابة حتى تحقق قتل منكبرس ولحق السلطان مسعود بأذربيجان منهزما وسار داود إلى همذان فملكها ووصل اليه الراشد هنالك وأشار بوزابة وكان كبير القوم بالمسير إلى فارس فساروا معه واستولى عليها وملكها ولما علم سلجوق شاه وهو بواسط أن أخاه السلطان مسعود أمضى إلى أذربيجان سار هو إلى بغداد ليملكها ودافعه البقش الثحت ونظم الخادم أمير الحاج وثار العيارون بالبلدان وأفحشوا في النهب فلما رجع الشحنة استأصل شأفتهم وأخذ المستورين بجنايتهم فجلا الناس عن بغداد إلى الموصل وغيرها ولما قتل صدقة بن دبيس أقر السلطان مسعود أخاه محمدا على الحلة ومعه مهلهل بن أبي العساكر أخوعش المقتول كما مر في أخباره ثم لما ملك بوزابة فارس رجع مع الراشد والملك داود ومعهما خوارزم شاه إلى خوزستان وخربوا الجزيرة فسار إليهم مسعود ليمنعهم عن العراق فعاد الملك داود إلى فارس وخوارزم شاه إلى بلده وسار الراشد إلى أصبهان فثار به نفر من الخراسانية كانوا في خدمته فقتلوه عن القائلة في خامس عشر رمضان من السنة ودفن بظاهر أصبهان ثم قبض السلطان آخر السنة على وزيره أبي البركات بن سلامة الدركريني واستوزر بعده كمال الدين محمد بن الخازن وكان نبيها حسن السيرة فرفع المظالم وأزال المكوس وأقام وظائف السلطان وجمع له الأموال وضرب على أيدي العمال وكشف خيانتهم فثقل عليهم وأوقعوا بينه وبين الأمراء فبالغوا في السعاية فيه عند السلطان وتولى كبرها قراسنقر صاحب أذربيجان فإنه بعث إلى السلطان يتهدده بالخروج عن طاعته فأشار على السلطان خواصه بقتله خشية الفتنة فقتله على كره برأسه إلى قراسنقر فرضي وكان قتله سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة لسبعة أشهر من وزارته واستوزر بعده أبا العز طاهر بن محمد اليزدجردي وزير قراسنقر ولقب عز الملك وضاقت الأمور على السلطان وأقطع البلاد للأمراء ثم قتل السلطان البقش السلاحي الشحنة بما ظهر منه من الظلم والعسف فقبض عليه وحبسه بتكريت عند مجاهد الدين بهروز ثم أمر بقتله فلما قرب للقتل ألقى نفسه في دجلة فمات وبعث برأسه إلى السلطان فقدم مجاهد الدين بهروز شحنة بغداد فحسن أثره ثم عزله السلطان سنة ست وثلاثين وولى فيها قرلي أميرا آخرا من موالي السلطان محمود وكانت له يزدجر والبصرة فأضيف له إليهما والله سبحانه وتعالى أعلم بغيبه..فتنة السلطان سنجر مع خوارزم شاه. وهو أول بداية بني خوارزم قد تقدم لنا ذكر أولية محمد خوارزم شاه وهو محمد بن أبي شنتكين وأن خوارزم شاه لقب له وأن الامير داود حبشي لما ولاه بركيارق خراسان وقتله إكنجي ولى محمد بن أبي شنتكين وولى بعده ابنه أتسز فظهرت كفاءته وقربه السلطان سنجر واستخلصه واستظهر به في حروبه فزاده ذلك تقدما ورفعة واستفحل ملكه في خوارزم ونمي للسلطان سنجر أنه يريد الاستبداد فسار إليه سنة ثلاث وثلاثين وبرز أتسز ولقيه في التعبية فلم يثبت وانهزم وقتل من عسكره خلق وقتل له ابن فحزن عليه حزنا شديدا وملك سنجر خوارزم وأقطعها غياث الدين سليمان شاه ابن أخيه محمد ورتب له وزيرا وأتابك وحاجبا وعاد إلى مرو منتصف السنة فخالفه أتسز إلى خوارزم وهرب سليمان شاه ومن معه إلى سنجر واستولى أتسز على خوارزم وكان من أمره ما يذكر بعد إن شاء الله تعالى..استيلاء قراسنقر صاحب أذربيجان على بلاد فارس. ثم جمع أتابك قراسنقر صاحب أذربيجان وبرز طالبا ثأر أبيه الذي قتله بوزابة في المصاف كما مر وأرسل السلطان مسعود في قتل وزيره الكمال فقتله كما مر فانصرف عنه إلى بلاد فارس وتحصن عنه بوزابة في القلعة البيضاء ووطىء قراسنقر البلاد وملكها ولم يمكنه مقام فسلمها لسجلوق شاه ابن السلطان محمود وهو أخو السلطان مسعود وعاد إلى أذربيجان فنزل بوزابة من القلعة سنة أربع وثلاثين وهزم سلجوق شاه وأسره وحبسه ببعض قلاعه واستولى على البلاد ثم هلك قراسنقر صاحب أذربيجان واران بمدينة اردبيل وكان من مماليك طغرل وولى مكانه جاولي الطغرلي والله سبحانه ولى التوفيق.
|